السلام
انا اليوم جبت لكم موضوع ان شاء الله حلوو
انا اليوم جبت لكم موضوع ان شاء الله حلوو
أحد الشبان الفلسطينيين قالها خلال الأسبوع الفائت، معلقاً على استشهاد والده في
العدوان الإسرائيلي الراهن على قطاع غزة.. قالها صراحةً: «نحن لا نخوض حرباً وطنية، ولا حرباً قومية.. إنها حرب عقائدية إسلامية!».
ربما كان مُحِقًّا ذلك الشاب، الذي ذكر أن أخاه استشهد في العام الماضي، وأنه وأفراد عائلته كلهم على طريق الشهادة. وهو بلا أدنى شك مؤمن بكل كلمة يقولها، فلا دليل أقوى من دليل الاستشهاد، لكن المضمون السياسي لهذا الكلام العفوي الصادق خطير جداً، وله مدلولات كبيرة لا تنفع في تلطيفها بلاغة أمثال السيد خالد مشعل وأسامة حمدان.. إذا ما رغبا في توضيح معنى نفي البعدين «الوطني» و«القومي» عما هو حاصل في فلسطين منذ 1948. ففلسطين، وفق تعريف القوى التي ينتمي إليها الشاب، ما عاد لها وجود إلا كساحة من ساحات المواجهة العالمية الحتمية، العديدة والمتكاثرة، بين «دار الإسلام».. و«دار الحرب»، وبالتالي، فالعمل من أجل استعادة ما يمكن استعادته من تراب فلسطين، سلماً أو حرباً، لا حساب له في معركة «أبوكاليبتيكية» حتمية لإسقاط نظام دولي متآمر، وكافر، وقائم على قوانين وضعية - لا إلهية - تعزّز الاستكبار، وتواصل ظلم المستضعفين.. وفق مُصطلحات «الثورة الإسلامية» في إيران. ثم إن إلغاء البعد «الوطني» لتحرير فلسطين، ومعه شطب قضية حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره، أضحيا أسهل من ذي قبل، ليس فقط نتيجة لتنامي الراديكالية الدينية على حساب التيارات الأيديولوجية الأخرى على الساحة الفلسطينية، بل أيضاً بسبب ضمور الحجم السكاني للطوائف الدينية غير المسلمة؛ مما يخفّف من أي سلبيات كانت محتملة لأي طرح ديني راديكالي في هذه الساحة.
هكذا، إذاً، تُطوى صفحة البعد «الوطني»، أو «الكياني» للقضية الفلسطينية، فماذا عن البعد القومي؟
تعداد الشعب الفلسطيني أدنى بكثير من تعداد الشعب الكردي، ومع هذا، لأن للشعب الفلسطيني «حاضنة قومية» اسمها الأمة العربية، خاضت من أجله، أو باسمه - ولو تحجّجاً - ما لا يقل عن أربع حروب، ظلت قضية حقه بدولة مستقلة قضيةً حيةً. وفي المقابل، ما زال الأكراد (الذين يقدّر عددهم في العالم بأكثر من 35 مليون نسمة) ممنوعين من أن تكون لهم دولتهم القومية، لأن لا «حاضنة قومية» لهم، بل هم موزّعون على عدد من الدول لا تتفق إلا عليهم، ولا يجمعها جامع غير منعهم من تأسيس دولتهم المستقلة.
أكثر من هذا.. لعبت القضية الفلسطينية من حيث هي قضية عدالة وحقوق إنسان الدور الأبرز في زيادة الوعي القومي على امتداد العالم العربي. وأسهمت لسنين وسنين في «تنوير» و«تثوير» أجيال من نخب الأمة على امتداد الوطن الكبير. غير أن التناهش العربي المتبادل لجسد التنظيمات الفلسطينية، وتحويل الإحباط والغضب عشرات الألوف من الفلسطينيين - مناضلين ومفكّرين - إلى زخم عبثي يائس، جعلا من بعضهم أحياناً «بنادق برسم الإيجار» و«جيشاً من الهتّافين» لكل جهة تستغلّهم شهود زور على «نضالها» و«تفانيها» في خدمة العروبة والتحرير. للأسف، تأخر النضج كثيراً، وسبقته في عدة محطّات موجعة مؤامرات الاستدراج إلى معارك جانبية غير مدروسة، بينما كانت إسرائيل مثابرة على مشروعها الدائم لتصفية القضية، وتشتيت الشعب، ومحو الذاكرة، وخلق واقع جغرافي - سياسي - استيطاني على الأرض المسلوبة. ولم تفاجأ إسرائيل كثيراً بنهاية الحرب الباردة بسقوط الاتحاد السوفياتي وتراجع المد اليساري في المنطقة. بل تأقلمت بسرعة وأخذت تعدّ العدة لتفجير تناقضات ذات عناصر بديلة داخل البيت الفلسطيني الواحد. وكان الرهان الإسرائيلي الأهم، وما زال وسيظل، متركزاً على الحرب الأهلية الفلسطينية.
قادة «حماس» التاريخيون، وعلى رأسهم الشيخ أحمد ياسين وإسماعيل أبو شنب، كانوا يدركون هذه الحقيقة، ويدركون أيضاً أهمية القرار الإسلامي الفلسطيني المستقل.
والمفكّرون الفلسطينيون الغربيو الثقافة، كإدوارد سعيد، كانوا بدورهم متنبّهين للرهان الإسرائيلي على الفتنة. ولذا رأى سعيد ذات يوم أن صعود حماس لا يضايق مخطّطي السياسة الإسرائيليين إطلاقاً، لأنه يقوّي ذرائعهم، ويساعدهم على التشديد على التناقض الصدامي الديني، ويزيد فرص التوتر داخل البيئة الفلسطينية.
اليوم، اللغة المستخدمة لتصوير الحالة المأساوية في الأراضي الفلسطينية، غدت بالفعل أكبر من فلسطين «الوطن» و«الشعب». كما أنها تستهدف ضرب الوضع «القومي».. أي «الحاضنة العربية». والشعارات الإسلامية المسوّقة هدفها الآن بوضوح ليس تحرير فلسطين بقدر العمل لإسقاط النظام السياسي العربي في «ثورة شارع» محبط وغاضب.
إننا أمام «سيناريو» مشابه لـ «سيناريو» استغلال الأنظمة العربية تراكمات الإحباط والغضب الفلسطينيين خلال عقدي الستينات والسبعينات من القرن الماضي. أما الفارق الأساسي الوحيد فهو أن الأنظمة العربية في الماضي استغلت يومذاك الفلسطينيين لحساباتها الخاصة، في حين تستغل بعض القوى الإقليمية غير العربية اليوم الفلسطينيين لتصفية حساباتها مع الأنظمة العربية توصّلاً لصفقة فوقية دولية كبرى. وفي الحالتين الخاسر الأول.. واحد، بل لقد كان لافتاً أن يأتي أبلغ رفض للقرار 1860 من علي لاريجاني، أحد «صقور» النظام الإيراني، ومن لبنان بالذات، خلال ساعات قليلة من إطلاق صواريخ من ماركة «نحن هنا» يعرف الجميع – وعلى رأسهم إسرائيل – الجهة التي أطلقتها، والجهات التي ترعاها وتحتضنها، والعاصمة العربية التي تقيم فيها قياداتها.
ومع هذا، اختارت القيادة الإسرائيلية «تحميل الحكومة اللبنانية مسؤولية إطلاق الصواريخ»، تماماً كما كانت تحمّل ياسر عرفات و«السلطة الفلسطينية» مسؤولية صواريخ «حماس» وعمليات «الجهاد الإسلامي».
باختصار، إسرائيل تعرف ما تريد. وكذلك إيران.. والمسيو ساركوزي.
العدوان الإسرائيلي الراهن على قطاع غزة.. قالها صراحةً: «نحن لا نخوض حرباً وطنية، ولا حرباً قومية.. إنها حرب عقائدية إسلامية!».
ربما كان مُحِقًّا ذلك الشاب، الذي ذكر أن أخاه استشهد في العام الماضي، وأنه وأفراد عائلته كلهم على طريق الشهادة. وهو بلا أدنى شك مؤمن بكل كلمة يقولها، فلا دليل أقوى من دليل الاستشهاد، لكن المضمون السياسي لهذا الكلام العفوي الصادق خطير جداً، وله مدلولات كبيرة لا تنفع في تلطيفها بلاغة أمثال السيد خالد مشعل وأسامة حمدان.. إذا ما رغبا في توضيح معنى نفي البعدين «الوطني» و«القومي» عما هو حاصل في فلسطين منذ 1948. ففلسطين، وفق تعريف القوى التي ينتمي إليها الشاب، ما عاد لها وجود إلا كساحة من ساحات المواجهة العالمية الحتمية، العديدة والمتكاثرة، بين «دار الإسلام».. و«دار الحرب»، وبالتالي، فالعمل من أجل استعادة ما يمكن استعادته من تراب فلسطين، سلماً أو حرباً، لا حساب له في معركة «أبوكاليبتيكية» حتمية لإسقاط نظام دولي متآمر، وكافر، وقائم على قوانين وضعية - لا إلهية - تعزّز الاستكبار، وتواصل ظلم المستضعفين.. وفق مُصطلحات «الثورة الإسلامية» في إيران. ثم إن إلغاء البعد «الوطني» لتحرير فلسطين، ومعه شطب قضية حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره، أضحيا أسهل من ذي قبل، ليس فقط نتيجة لتنامي الراديكالية الدينية على حساب التيارات الأيديولوجية الأخرى على الساحة الفلسطينية، بل أيضاً بسبب ضمور الحجم السكاني للطوائف الدينية غير المسلمة؛ مما يخفّف من أي سلبيات كانت محتملة لأي طرح ديني راديكالي في هذه الساحة.
هكذا، إذاً، تُطوى صفحة البعد «الوطني»، أو «الكياني» للقضية الفلسطينية، فماذا عن البعد القومي؟
تعداد الشعب الفلسطيني أدنى بكثير من تعداد الشعب الكردي، ومع هذا، لأن للشعب الفلسطيني «حاضنة قومية» اسمها الأمة العربية، خاضت من أجله، أو باسمه - ولو تحجّجاً - ما لا يقل عن أربع حروب، ظلت قضية حقه بدولة مستقلة قضيةً حيةً. وفي المقابل، ما زال الأكراد (الذين يقدّر عددهم في العالم بأكثر من 35 مليون نسمة) ممنوعين من أن تكون لهم دولتهم القومية، لأن لا «حاضنة قومية» لهم، بل هم موزّعون على عدد من الدول لا تتفق إلا عليهم، ولا يجمعها جامع غير منعهم من تأسيس دولتهم المستقلة.
أكثر من هذا.. لعبت القضية الفلسطينية من حيث هي قضية عدالة وحقوق إنسان الدور الأبرز في زيادة الوعي القومي على امتداد العالم العربي. وأسهمت لسنين وسنين في «تنوير» و«تثوير» أجيال من نخب الأمة على امتداد الوطن الكبير. غير أن التناهش العربي المتبادل لجسد التنظيمات الفلسطينية، وتحويل الإحباط والغضب عشرات الألوف من الفلسطينيين - مناضلين ومفكّرين - إلى زخم عبثي يائس، جعلا من بعضهم أحياناً «بنادق برسم الإيجار» و«جيشاً من الهتّافين» لكل جهة تستغلّهم شهود زور على «نضالها» و«تفانيها» في خدمة العروبة والتحرير. للأسف، تأخر النضج كثيراً، وسبقته في عدة محطّات موجعة مؤامرات الاستدراج إلى معارك جانبية غير مدروسة، بينما كانت إسرائيل مثابرة على مشروعها الدائم لتصفية القضية، وتشتيت الشعب، ومحو الذاكرة، وخلق واقع جغرافي - سياسي - استيطاني على الأرض المسلوبة. ولم تفاجأ إسرائيل كثيراً بنهاية الحرب الباردة بسقوط الاتحاد السوفياتي وتراجع المد اليساري في المنطقة. بل تأقلمت بسرعة وأخذت تعدّ العدة لتفجير تناقضات ذات عناصر بديلة داخل البيت الفلسطيني الواحد. وكان الرهان الإسرائيلي الأهم، وما زال وسيظل، متركزاً على الحرب الأهلية الفلسطينية.
قادة «حماس» التاريخيون، وعلى رأسهم الشيخ أحمد ياسين وإسماعيل أبو شنب، كانوا يدركون هذه الحقيقة، ويدركون أيضاً أهمية القرار الإسلامي الفلسطيني المستقل.
والمفكّرون الفلسطينيون الغربيو الثقافة، كإدوارد سعيد، كانوا بدورهم متنبّهين للرهان الإسرائيلي على الفتنة. ولذا رأى سعيد ذات يوم أن صعود حماس لا يضايق مخطّطي السياسة الإسرائيليين إطلاقاً، لأنه يقوّي ذرائعهم، ويساعدهم على التشديد على التناقض الصدامي الديني، ويزيد فرص التوتر داخل البيئة الفلسطينية.
اليوم، اللغة المستخدمة لتصوير الحالة المأساوية في الأراضي الفلسطينية، غدت بالفعل أكبر من فلسطين «الوطن» و«الشعب». كما أنها تستهدف ضرب الوضع «القومي».. أي «الحاضنة العربية». والشعارات الإسلامية المسوّقة هدفها الآن بوضوح ليس تحرير فلسطين بقدر العمل لإسقاط النظام السياسي العربي في «ثورة شارع» محبط وغاضب.
إننا أمام «سيناريو» مشابه لـ «سيناريو» استغلال الأنظمة العربية تراكمات الإحباط والغضب الفلسطينيين خلال عقدي الستينات والسبعينات من القرن الماضي. أما الفارق الأساسي الوحيد فهو أن الأنظمة العربية في الماضي استغلت يومذاك الفلسطينيين لحساباتها الخاصة، في حين تستغل بعض القوى الإقليمية غير العربية اليوم الفلسطينيين لتصفية حساباتها مع الأنظمة العربية توصّلاً لصفقة فوقية دولية كبرى. وفي الحالتين الخاسر الأول.. واحد، بل لقد كان لافتاً أن يأتي أبلغ رفض للقرار 1860 من علي لاريجاني، أحد «صقور» النظام الإيراني، ومن لبنان بالذات، خلال ساعات قليلة من إطلاق صواريخ من ماركة «نحن هنا» يعرف الجميع – وعلى رأسهم إسرائيل – الجهة التي أطلقتها، والجهات التي ترعاها وتحتضنها، والعاصمة العربية التي تقيم فيها قياداتها.
ومع هذا، اختارت القيادة الإسرائيلية «تحميل الحكومة اللبنانية مسؤولية إطلاق الصواريخ»، تماماً كما كانت تحمّل ياسر عرفات و«السلطة الفلسطينية» مسؤولية صواريخ «حماس» وعمليات «الجهاد الإسلامي».
باختصار، إسرائيل تعرف ما تريد. وكذلك إيران.. والمسيو ساركوزي.